الخميس، 10 مايو 2012

ماورائيات أخرى


ما الَّذِي يَزدَادُ مِنْ أَلَقِ القَصِيْدَةِ


ومَا الَّذِي سَيَنْقُصُ إِنْ هَجَرَتْنِي أَحْلَى الْخَيَالَاتِ البَدِيْعَةِ


وحِنْكَةِ الـجُّمَلِ المنَمْنَمَةِ.. بِبَرَاعَةِ اللَّفْظِ الأَنِيْق


..خَلْفَ أَبْوَابِ العُزُوفِ عَنِ الكَلَامِ.. تَقْتَحِمُنَي الرَّغْبَة للوُصُول


إلى أنَاشِيدِ الحُقُول .. فَيرفُضُنِي الوُصُول


لَا شَاعِرٌ سَيُشْهِرُ فِي وَجهِي قَصِيْدةً مَجنُونَةً كَالنَارِ


ولَا الرّيْحُ الخفِيْفَةُ تُضْرِم دَاخِلِي سِوَى اغْتِرَابِي مُنذُ أَحقَابِ الجلِيْد


ولَا دِفءُ تِلكَ النّار يَقبعُ فَِي الرّمَاد


مَا لِهَذَا الصّمتِ يَسْكُنُنِي


كالرّصِيْفِ يَسْكُنُهُ الجِيَاعُ والغُرَباَءُ العَابِرُون


والقَوَارِيرِ الوَحِيْدَة


لمِاذَا تَهجُرُنِي القَصِيدَةُ


وأظَلّ خَاوِيَاً مِنْ كُلّ أَجرَاسِ الحقِيْقَةِ


وأظلّ مَسرُوقَاً تُقَلِّبُنِي انفِعَالَاتِ الخُطَى المتَسَارِعَاتِ


نَحوَ مُخَيّمٍ يَرتَادُهُ الصّدَىَ


وأظَلّ مُكَبّلاً بِالحلُمِ الممقُوتِ فِي إِيَمَانِهم


لِتَمُوتَ فِي دَمِي مَلَامحَ أُغْنِيَةٍ تَفَتّتَتْ


فِي رَحَى طَاحُونَةِ الأَلَمِ الّلعِين


وأظَلّ مُضَرّجَاً بِزِحَامِ أَفكَارِي النّثِيْرة


مُذْ رَضَعتُ مِنْ وَرِيدِ الشّمْسِ


عِنْدَ مُفتَرَقِ المسَافَةِ الكَوْنِيّةِ


بَيْنَ مَسَاحَةٍ مِنَ الأَرضِ اليَبَاب


وغُبَارِ كَوكَبٍ بِلَا هَويّة ..


أَظُنّنِي سَأظَل فَارِغَاً بِلَا قَصِيْدَة


حَتّى تَفُوحَ قَهْوَةَ الصّبَاحِ.. فِي امتِدَادِ فَصَاحَتِي


ويَعْرفُ الشّعرُ اتّجَاهِي .. فَيهرُبُ مِنْ شِتَاتِ أفْكَاِري إِليّ .

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

صمت..






 إليْكَ أيُّهَا الصَّمْتُ المقَفَّى

لَا أَنَاقَةَ فِي صَدَأ الكَلَامِ

المنْشُورُ عَلَى حِبَالِ حَلْقِي

..فُتِحَتْ هَاوِيَةٌ فِي قَلْبِ الظَّلَامِ

فَغَّيْرَ لَوْنَهُ مِنَ الأسْوَدِ

إِلَى الرَّمَادِيِّ الْمُنْتَهَكِ بِكَآبَةٍ سَاذَجَة

كَيْفَ وُلِدْتَ يَا صَمْتِي ؟

أَنَا الأَخْرَسُ..كَيْفَ لِي أَنْ أُعِيدَ تَرْتِيْبَ غُمُوضِي

صَيْرُوْرَةً تَكُفُّ عَن مَخْضِ المحَاذِير

يَا صَمْتِي .. لَسْتَ بَدِيْلاً لأَيِّ شَيء

فَلْتَخْسَأُ جُسُورُ الكَلَامِ المكَبَّلِ قَبْلَ العُبُور .

الاثنين، 24 يناير 2011

(13)




الوقتُ صَولجَانْ

وعقاربُ السّاعةِ الحَائِطيَّة

سُلحفاةٌ تأبَى الانْتظَار..

غادَرَ النَّهارُ أوَّل الحِكاية

ثُمَّ فِي المَسَاءِ ..

لمْلَمَ الشِّتاءُ قَوسَهُ القُزحِىُّ

وأسَاطِيل بَردِهِ وَغَادَر

آنَ لهَا أنْ تَهْرَمَ مُوسِيْقَىَ الحَيَاة فِي مَهرَجَانِ الفَقدِ

ثُمَّ تُغَادِر

غَادَرَتْ وَنَسِيَتْ دُمُوعَهَا مَصْلوبَة فَوقَ

رُوزنامةِ الأبْجَدَّية

تبكِي مِنْ أَلِفِها ليَائِهَا

لتَكتَشِفَ فَدَاحَةَ الوحدةِ والغَيَابِ فِي الغِيَابِ


ومَا.. بَعدَ.. بَعدَ الغِيَابْ ..

الأربعاء، 5 يناير 2011

(12)



قصيدةٌ..تقطـُنُنِي مُنذُ سِنيِنْ

مُذ بَدأتُ..عَقلانِية المُتُون

لِحَيَاةٍ دُونَ جُنُون ..

شَهْقَةٌ تَنبُتُ مِنَ السَّمَاءِ الحُبْلَىَ

وتَتَكوَّمُ عَلىَ فَمِ الأرض

عَائِلتِي ..

أقلَامٌ قاحِلةُ الخُضُوع

عَلىَ تُخُوم مَقَابِرهَا تُدشَّنُ الأبْجَدِيَّةُ الشَّوْهَاء

حَيثُ تَهْبِطُ تَأتَأةُ الأغَانِي..

أتَفرَّسُ وأُفَهْرِسُ رَهْطَ المَّارِينَ بالجِوَار

أبحَثُ بَيْنَهم عَنْ أصْدِقَاءِ الهَدِيْل

الضَائِعِينَ بَيْنَ احتِرَاقِ التُّرَابِ

ورَصْدِ الجِّرَارِ الفَارِغَة

فَتُمْحَقُ فُوتُونَاتِ الضَّوءِ

أمَامَ احمِرَارِ الغَسَقِ

وتُخَبِّئُ خَارطَةَ فِرَارِهَا خَلْفَ الكُسُوفْ

لهَاَ فِي احْمِرَارِ الغَسَقِ مَقَامُ اللَّاشَيء

ولِي فِي مَقَامِ الحَرفِ مَا يُحَرِّرُنِي مِنْ مَظلَّةِ العَدَمْ

سَعَادَتِي..حُلمٌ بِلَا تَفْسِير

..ضَيفٌ أصَمّ

يَتَحَسَّسُ تَجَاعِيدَهُ المُبَكِرَة

ولا يُحْسِنُ إلا التَفكِيرَ

في حُلمٍ بِلا تَفسَير

و إحصاءِ..

ألفٍ وأربعمائةٍ وأربعينَ همّاً

فِي كُلِّ يَوم..

أمَّا مَِا تَبقّى

فلِكَتابةِ قَصيدةٍ

مبتورةُ الإحْسَاس.



الخميس، 28 أكتوبر 2010

زغاريد مخنوقة في حلق الذاكرة

(الراحة في القبر)
وقت الراحة نرتمي على أسرّة متخشبة الملمس وننزع ترابيس النضال اليومي مبللون بأثقالٍ كالذنوب .
كانت المدينة تعلكنا بمرارة ..أصدقاؤنا نزلاءٌ دائمون لطوابير الأرصفة وكنا جميعاً نُشيِّع أحلامنا كل يوم إلى مدفن اليوم الذي يليه .

الجمعة، 15 أكتوبر 2010

السفر فوق المناكب



كتبت ما كتبتُ

و احتميت

بحائطٍ يلفهُ الديجور

يعتنق الخراب

فيعتذر عن صمتهِ

و سطوة التراب

كتبت ..

عن هيكلٍ يفتٌّ للحُتوف ..

بقايا لرغيف

ومعولٍ صموت ..

يدق باب الموت

وطفلةٍ عمياء ..

قد قُـطعت أشلاء

ها أنا ..أستنشق الرحيل في الخواء

أشتهي باباً لنورٍ في الظلام

باحثاً عن قشة في بحر

حاملاً .. صراخي وخُطاي

ونعلي في يدي ..

وأنا المهدور دمي ..

أتلمّس في ضفاف النهر

خصلة من شعر

أرسَلتْها الريح

أبحث في ضفاف النهر

عن مرايا صدئة

عن أنامل عن زهور مهملة

وبقايا لقصائدٍ ممزقة

فهذه دماء النافرين

من السراب إلى السحاب

و حائط الديجور ..

مازال يعتنق الخراب

.. المجد للخراب

المجد في زمن الذئاب.. للذئاب

والموت للبراءة

الموت للطهارة

الموتُ يُبذرَُ والحرثُ  اليباب

... خلعت جثتي عن كاهلي

المثقل بالذنوب

وبعتها بوزنها تراب

واستحلت طيفاً

من عذاب .



الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

(11)




سأخبرُ الشتاء بأني أحبه

لأول مرة أعترف للشتاء بأني أحبه

المطر .. يغسل نظارتي

والغروب البرتقالي ..

ينتهك ذكرياتي

لينثرها على خط الأفق الدائري

لا ضجيج !

عليكم أن تدوروا عكس عقارب الساعة

لتتعلموا مواقيت الهذيان

منذ الدقيقة الأولى في ساعاتكم

ستتذوقون طعم الحصى تحت ألسنتكم اليابسة

.. كانت الصحراء عانس

تُزفُّ إلى دمٍ ساحليٍّ مالح

وكان الرصاص يتسكع بيننا

ويختار من يمشي معه

إلى أفواه سيوف الرمال

يسألني الفراغ !

ـ كيف نجوت ؟

ـ سلمت قدمي لخيالي

فسافرَ معي على بساط الريح

حتى وجدت نفسي على الحدود

بين الخوف والأسلاك الشائكة

عاد الشتاء يغسل نظارتي

وعاد الغروب البرتقالي ينتهك ذاكرتي ..

يسألني عابر ..!

ـ كيف وصلت ؟

ـ سلـّمتُ دمي إلى أحلامه

فطار بي إلى حيث رائحة حبيبتي

حيث كانت تداعب خاتم الخطوبة

وتتعاطى الانتساب إلى الحقد

فقد نفد مخزون الحزن من قلبها منذ أيام

سألني العابر مرة أخرى !

ـ وكيف مخزونك أنت من الحزن ؟

ـ نفد هو الآخر

حين فقدتُ القدرة على التفتـُّت الذاتي

ـ وكيف مضت الأعوام ؟

ـ سلـّمتُ ذاكرتي إلى أوتار عودي

فخربشتها وشربت نخب الرحيل

إلى آخر نقطةٍ قاطعة

لعلي أضفر بالنهايات السعيدة

لا ضجيج !

وصل الحوار إلى نقطة خطيرة

ليس للوقت مكان بيننا

إنكم تعرفون كل المواعيد

وتملكون كل ساعات الصفر

لذا لم يعد للوطن وقت لولادة التاريخ

أنتم الوسيلة المثلى لأدنى الخسائر

وأنصحكم أن تدوروا عكس عقارب الساعة

لتملكوا مواقيت الهذيان

يسألني الفراغ مرة أخرى !

ـ كيف غيرت اسمك ؟

ـ سلمت أطراف أصابعي لجنوني

وخنقت اسمي القديم

وكان النكران يحرق الحرف الأول والأخير

ـ إذاً فأنت ميت !

ـ صار اسمي مبعثراً ..

ُأحرِقَ كجثة هندوسي

فلم أعد أحسن ترتيب حروفه

لهذا لم يعترف به حفار القبور

وأعادني من حيث أتيت

ـ لم كل هذا الغموض ؟

ـ نسيت أن أسأل نفسي هذا السؤال ..

ـ وكيف نجا رفيقك ؟

ـ أخيرًا جاء دور رفيقي

ليشرب الموت على فم أحد السيوف الرملية

ويتحول إلى حسرة

رغم أن الرصاصة تليق به

ورغم أنه لم يستوعب أنه أصبح رفيقاً للغبار

والدخان

والبخار

وكان يعلم أنه لم يودِّع طفولته بعد

لكنه لم يكن يعلم أن عمره تحول من وقت .. إلى ميراث

ـ وكيف جئت به إلى هنا ؟

لا ضجيج !

ـ وضعته في صندوق

وسلمت منكبيّ إلي صوت أمه

وأمه كانت تخاف أن تكف عن الدعاء

فتنصت إلى نشرة الأخبار

كم تشبه أمه الوطن

وكم يشبه الوطن جثة رفيقي

انتهت رؤياي طبقاً لمواقيت الهذيان

ولم تنتهي طبقاً لمواقيت النزف اليومي

كنا نقيم مع الشمس

في بادية الجنوب وحين انفصلنا .. رجمونا

سألتُ سائلي !

ـ أين رفاقي الطيبين ؟

فتدفقت عواطفه وقال :

ـ تركناهم هناك ..

نثرنا على قبورهم حفنة من الحصى

لعلهم يرجعون

لكنهم حين انتصبوا

اصطدمت رؤوسهم بسقف الأفق الدائري

وغسل المطر نظاراتهم

تحت شعاع الغروب البرتقالي ..

فغادروا من جديد .