الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

(11)




سأخبرُ الشتاء بأني أحبه

لأول مرة أعترف للشتاء بأني أحبه

المطر .. يغسل نظارتي

والغروب البرتقالي ..

ينتهك ذكرياتي

لينثرها على خط الأفق الدائري

لا ضجيج !

عليكم أن تدوروا عكس عقارب الساعة

لتتعلموا مواقيت الهذيان

منذ الدقيقة الأولى في ساعاتكم

ستتذوقون طعم الحصى تحت ألسنتكم اليابسة

.. كانت الصحراء عانس

تُزفُّ إلى دمٍ ساحليٍّ مالح

وكان الرصاص يتسكع بيننا

ويختار من يمشي معه

إلى أفواه سيوف الرمال

يسألني الفراغ !

ـ كيف نجوت ؟

ـ سلمت قدمي لخيالي

فسافرَ معي على بساط الريح

حتى وجدت نفسي على الحدود

بين الخوف والأسلاك الشائكة

عاد الشتاء يغسل نظارتي

وعاد الغروب البرتقالي ينتهك ذاكرتي ..

يسألني عابر ..!

ـ كيف وصلت ؟

ـ سلـّمتُ دمي إلى أحلامه

فطار بي إلى حيث رائحة حبيبتي

حيث كانت تداعب خاتم الخطوبة

وتتعاطى الانتساب إلى الحقد

فقد نفد مخزون الحزن من قلبها منذ أيام

سألني العابر مرة أخرى !

ـ وكيف مخزونك أنت من الحزن ؟

ـ نفد هو الآخر

حين فقدتُ القدرة على التفتـُّت الذاتي

ـ وكيف مضت الأعوام ؟

ـ سلـّمتُ ذاكرتي إلى أوتار عودي

فخربشتها وشربت نخب الرحيل

إلى آخر نقطةٍ قاطعة

لعلي أضفر بالنهايات السعيدة

لا ضجيج !

وصل الحوار إلى نقطة خطيرة

ليس للوقت مكان بيننا

إنكم تعرفون كل المواعيد

وتملكون كل ساعات الصفر

لذا لم يعد للوطن وقت لولادة التاريخ

أنتم الوسيلة المثلى لأدنى الخسائر

وأنصحكم أن تدوروا عكس عقارب الساعة

لتملكوا مواقيت الهذيان

يسألني الفراغ مرة أخرى !

ـ كيف غيرت اسمك ؟

ـ سلمت أطراف أصابعي لجنوني

وخنقت اسمي القديم

وكان النكران يحرق الحرف الأول والأخير

ـ إذاً فأنت ميت !

ـ صار اسمي مبعثراً ..

ُأحرِقَ كجثة هندوسي

فلم أعد أحسن ترتيب حروفه

لهذا لم يعترف به حفار القبور

وأعادني من حيث أتيت

ـ لم كل هذا الغموض ؟

ـ نسيت أن أسأل نفسي هذا السؤال ..

ـ وكيف نجا رفيقك ؟

ـ أخيرًا جاء دور رفيقي

ليشرب الموت على فم أحد السيوف الرملية

ويتحول إلى حسرة

رغم أن الرصاصة تليق به

ورغم أنه لم يستوعب أنه أصبح رفيقاً للغبار

والدخان

والبخار

وكان يعلم أنه لم يودِّع طفولته بعد

لكنه لم يكن يعلم أن عمره تحول من وقت .. إلى ميراث

ـ وكيف جئت به إلى هنا ؟

لا ضجيج !

ـ وضعته في صندوق

وسلمت منكبيّ إلي صوت أمه

وأمه كانت تخاف أن تكف عن الدعاء

فتنصت إلى نشرة الأخبار

كم تشبه أمه الوطن

وكم يشبه الوطن جثة رفيقي

انتهت رؤياي طبقاً لمواقيت الهذيان

ولم تنتهي طبقاً لمواقيت النزف اليومي

كنا نقيم مع الشمس

في بادية الجنوب وحين انفصلنا .. رجمونا

سألتُ سائلي !

ـ أين رفاقي الطيبين ؟

فتدفقت عواطفه وقال :

ـ تركناهم هناك ..

نثرنا على قبورهم حفنة من الحصى

لعلهم يرجعون

لكنهم حين انتصبوا

اصطدمت رؤوسهم بسقف الأفق الدائري

وغسل المطر نظاراتهم

تحت شعاع الغروب البرتقالي ..

فغادروا من جديد .



هناك 11 تعليقًا:

  1. سيادة الكاتب :
    تحية طيبة , ازدحام الرمزية الموغلة في الابهام حالت دون جزالة المعنى كما أردت , فقد أثقلت كاهل النص بالحشو الزائد لمفردات دسمة أتت في غير أوانها ولم تعط أكلها .
    ولك التحية .

    ردحذف
  2. سيادة الناقد :
    أتقدم إليك بالشكر على تجشُّمك عناء الرد على ستة نصوص دفعة واحدة وكنت أتأهّب للرد على كل نص حسب ما ورد في ملاحظاتك التي كنت أحسبها تجانب الموضوعية إلى أن اكتشفت أن الزمن من تعليقك على النص رقم 7 إلى النص رقم 6 لم يتجاوز دقيقتين فهل من الموضوعية والأمانة أن تنقد نصين طويلين نسبياً في دقيقتين فقط .
    سيدي النافد : أعتقد أنك ظلمت النصوص بأنك لم تعطها الوقت الكافي سواءً التي أثنيت عليها أم من وجدت فيها من الهانات ما جعلك تجود باستعراضها .

    ولك التحية

    ردحذف
  3. السيد المحترم الشاعر :
    أنا لست ناقد ولاأدعي النقد ولست من هواة هذا الفن ولست أعرف خباياه , ولم أنقد أنا فيما كتبت أنت ولا بحرف واحد .
    واني سيادة الكاتب كنت قد قرأت قصائدك أكثر من مرة وبروية وسجلت بعض المقاطع في دفتري , ونظرت فيها ومن خلالها من وجهة نظري أنا وحسب ماوقعت كل منها في نفسي , ولاأناقش ما أردت أن تضمنه أنت في كل منها , وهي أيضا لم تعد ملكا لك منذ أن أنهيت كتابة كل منها , ولنا كامل الحق في تذوقها كيما وهبنا هذه الحاسة , ولك الاحترام لمجرد أنك صاحب الومضة الأولى , واني سيادة الكاتب أنظر فيما كتب بغض النظر عمن كتب , وأحاكي الكلمات والسطور والمعاني كيما أراها أنا لأنني وببساطة لاأستعير ذهنا آخر عندما أقرأ الشعر أو القصة أو غيرها , فأتلذذ بما أقرأ دون النظر الى ماأجد فيه ربما بعض الأخطاء ولنقل أيضا من وجهة نظري أنا ولو أنه في بعض الأحيان يكون الحطأ بينا كشمس الظهيرة وأعني هنا الأخطاء اللغوية أو التجاوزات بمختلف تصنيفاتها ولعل أهم ما يشدني هو الاقتباس العشوائي وبخاصة من الذكر الحكيم وحشره كما أنزل ولوبتحريف ظاهر وانزال الكلام غير موضعه وهذه اساءة لاتقبل , وقد لاحظت لدى العديد ممن يكتبون سواءالشعر الحديث او ماهو الآن في جانب النقد أو سواء عند جهابذة القصة والرواية في وقتنا الحالي , والأمر سيادة الشاعر يحتاج للنقاش بموضوعية وحجج وعقلانية .
    سيادة الشاعر أنما استقرأت اللون والحركة والموسيقى والتناغم فيما بينها , في كل ماكتبت أنت , وأبدا لم أعلق فيم كتبت أنا الا ماانعكس داخلي ارتدادا من كلمات قصائدك , وحتى أنني لاأرى أن من الضروري أن يقوم الشاعر او القاص مقام المحاسب ليرد على كل من كتب تعليقا على ماكتبه هو فالشعر أوالقصة أو المقال أو أي جانب آخر من جوانب الابداع , يخرج من عهدة صاحبه ليصير ملكا للجميع وأعني بالجميع الكل , خيث بتناول العديد ذات الموضوع من أطراف عدة وبخلاصات مختلفة وبآراء تتقارب وتتباعد يكون الشعر شعرا , ليصير قي حالته الحقيقية الجادة البعيدة عن الهذر والحشو الاسفاف , يصير ارثا انسانيا , ولكل احساسه وتذوقه المختلف عن الجميع .
    واني لاأستطيع أن أكون كالكثيرين ممن يقرأون اسم الكاتب لينهالوا عليه اما بالمدح المبالغ واما بالقذع غير العادل , دون تكبد عناء قراءة النصوص وأعني دونما قراءة ولست أبالغ , ولاأكتب خارج حدود لباقة اللغة التي أحترمها جدا جدا , وأعرف عندما أكتب أين مدى ماكتبت , وكما لاقت بعض قصائدك الترحيب في داخلي وسعدت جدا باامتلاكي فرصة قراءتها فاني أيضا وجدت ماوجدت في غيرها , ويهكذا سيادة الكاتب أكون وغيري قد أعدنا نظرك لبعض ماكتبت وذلك لحرصنا على كل الأقلام الفتية الموهوبة وعلى تجربتها التي نتمنى أن تستمر ولكن بتطور مطرد , ولن نرضى بالمراوحة أو النكوص مهما كان الثمن ولو كان كراهية بعض المحسوبين على الابداع , وسيأتي زمن ليس فيه شافع الا لسان المتلقي الصادق الذي يحس دونما تحيز لأحد ويتكلم دونما طمع في رضا أحد ولايتزلف لأحد , حينها ستثبت النبتة الأصيلة وستذرو الريح الفتات .
    سيادة الكاتب أكتب وأكتب وأكتب واني أشد على يدك التي ستشير يوما للجميع عن اتجاهك باخلاصك لقلمك ولوطنك ولفنك , ودعني أكتب عنك ولك ومن خلالك , ولاتنظر الى الوراء الا لتصحيح خطوة أو خطوات ولك فائق اخترامي .

    ردحذف
  4. الكاتب الموهوب علي الفسي
    بداية أعجبني عنوان مدونتك الرائع والذي يتلاعب بالكلمات بين اللغة والفلسفة ويتعاطى الشعر والفكرة ويغازل المعاني ويسخرها للجمال .

    مدونتك رائعة وجميلة رغم التعليقات المغالطة التي واجهتني .. لي عودة ولنا لقاء .
    عبدالحفيظ أبوغرارة.

    ردحذف
  5. عزيزي علي
    أنت أكثر من رائع واجمل من موهوب .. لكل من علق على هذه القصيدة جزيل الشكر وبعض الأسف .
    قرأتنا مختلفة بسبب خلفياتنا وثقافتنا المتواضعة وللسيد علي الشرقاوي وقفة غير مباهية ولا تعترف بالنقد أو الفهم القاصر وله مع ذلك جزيل التقدير بسبب المحاولة .
    أسماء الجيلاني

    ردحذف
  6. العزيز علي
    ليس في إمكاني أن أحاورك في كل ما كتبت ف ( 11 ) قصيدة هي أكثر من أن أقرأها دفعة واحدة .
    وبالرغم من أني ألتمست فيها الشعر والأدب والفلسفة لكنها كثيرة علي .. سوف أعود هنا لكلماتك الجميلة والرائعة وسوف أعارضك أحياناً.
    علي ..
    جمال اسلوبك وروعة كلماتك وأفكارك الجريئة تشدنا للقراة وللرد عليها حتى ولو كان بإسلوب الشرقاوي الذي لا يدعي النقد.

    أخيك/ عبدالحفيظ أبوغرارة

    ردحذف
  7. علي الفسي
    لأنني أحب الشتاء أحببت كلماتك ،ولأنني دائماً أغتسل بالمطر وأتطهر بالثلوج أعلنت التيمم رغم أنف الفقهاء والشعراء .. وأقمت صلاتي دون مواقيت ودون دقات ساعات الحائط أو اذان ودون إنتظار إعلان ثبوة أو رؤية هلال ،وصمت وصليت لربي وأعلنت الشهادة قبل إن أفكر وأضع ساعة في معصمي لكي أحبس زمن مضني في محيط دائرة .. وتحت شعاع الأفق البرتقالي أضع توقيعي .
    لكل من علق على كلمات هذه القصيدة تحية طيبة وقبل ..كلماتكم مداهنة أحيانا وعدائية أحيانا أخرى .
    وبين هذا وذاك لكم أطيب التحايات .

    نجاح

    ردحذف
  8. أخي العزيز عبدالحفيظ
    سعيدٌ جداً بإطلالتك الأولى على مدونتي .. وليس كثيراً على مثقفٍ يملك ذائقةً ًشفيفة مثلك أن يسبر أغوار نصوصي المتواضعة ..
    تقبل مني الشكر والتقدير

    ردحذف
  9. أستاذة أسماء الجيلاني
    فرصة طيبة ساقتك لمدونتي .
    فعلاً للخلقية الثقافية أثرها .. والأمر مرتبط أيضاً بالتراكم الحسي الناتج عن علاقة العقل بالملموس .
    (قيل لأبي تمام: ما لك تقول ما لا يفهم؟ ..فأجاب: ولماذا لا تفهم ما يقال؟)
    لك جزيل شكري وتقديري

    ردحذف
  10. أستاذة نجاح
    تشرفت بمرورك على مدونتي
    لك جزيل شكري وتقديري

    ردحذف
  11. غالية الذرعاني22 ديسمبر 2010 في 10:43 م

    شاعرنا أستاذ علي
    إن أروع النصوص ، تلك التي تتحدى فهم قارئيها ، وتدعوهم في رحلة ممتعة بين مُختلف التأويلات والتفسيرات ...الرمزية والغموض هي هوية الشعر الحديث ، وهي الصفة التي تميزه عن الكلاسيكي...
    نصوص علي الفسي ، تحتاج إلى قاريء يقرأها عشرين مرة ، ويقرأ كل جملة ، وكل كلمة ، بل كل حرف ..وبتأني كبير ، وسيذُهل حين تتعرى أمامه المغاني ، وسيكتشف في النهاية السر في روعتها ومذاقها الممتع .
    تحياتي ، وشكراً على الامتاع

    ردحذف